النوَّه



علي رمال الاسكندريه ، في يوم عاصف من أيام النوَّه ، أصرت أن تمشي ، غير عابئة
بالرياح العاتيه ، ولا الأمطار الغزيره ، ,ولا حتي بذلك القيد الذي تحمله في يديها ،
مشت حافية القدمين ، مكشوفة الرأس ، تلتصق رمال الشاطئ بقدميها ، تكاد الرياح
تنتزع شعرها الأسود من جذوره ، بينما أغرقتها دفقات المطر المنهمر ، نظرت حولها ،
البحر هائج ، يزمجر فيعلو صوته ، معلناً عن صراع دائر ، تتطاحن فيه الموجات ،
النخيل برغم شموخه ، أمام تلك العاصفة لم يجد بداً من الإنحناء حتي تمر بسلام ،
حبات الرمل تضامت ، التصقت ببعضها البعض ، وجدت في الإلتحام طريق الصمود ،
لا أثر لطائر في الجو ولا حيوان في الجوار ، لا أثر لبشر ، فضل الجميع دفء المنزل ،
علي مواجهة النوّه ، تعجبت .. بدت المدينة الصاخبة الساهرة ، وكأن سكانها البحر
والشاطئ والنخيل ، أشاحت عن الطريق ، ركضت نحو البحر ، أوقفها ضوء خافت ،
نظرت نحوه ، ثم أكدت النظرات ، ما بال حامل القنديل ، لِمَ لمْ يسكن داره كما السكان ،
اقترب منها فاقتربت ، أضاء بقنديله وجهها ، سقط النور علي سواد شعرها ، أضاءت
كما القنديل ، أحست بدفء يتخلل الأوصال ، ارتسمت علي شفتيها بسمه ، نقش
بأصابعه كلمات علي الرمال النافره ، قرأتها ، صمتت .. انحل القيد من يديها ، ثم مشت
تتلمس طريقها في ضياء حامل القنديل .

0 comments:

Post a Comment

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...