كنا نجلس سوياً أنا وهي .. في مقهانا الذي أصبح معتاداً في نفس المكان _كذلك_
تحكي لي عن فسيفساء انفعالات
حبيبها العائد بقوة ، قاصدة أن تجبرني علي أن أعيش نفس إحساسها بالقلق أ
الطمأنينة
أو حتي الهيام ،عندما
صرخت بها فجأة :"عايزة أشتري بذور طماطم" ، ليكون ردها اللاإرادي الواعي والمدرك
: " آه .. وتبيعيها في السوق
السودا"
تعالت ضحكاتنا الغافلة..ولكنها لم تكن منأي عن فهم ما أعنيه حقاً ،
زاد عمري عن الثانية والعشرون .. وطوال حياتي لم أسمح لنفسي بأن أنطق حرفاً يتعلق بالسياسة أو الحكومة أو أوضاع البلاد .. أو حتي مصروف البيت الشهري .. ، نعم عشات غافلة عن كل هذا .. ولكنها ليست تلك الغفلة التي تعزلني عن محيطي المجبرة عليه ، فكما صرحت مراراً أن حلمي أن أسافر خارج البلاد لأحيا حياة كريمة .. "بلي .. سأنكس الراية ".. وسأرحل .. هكذا أجيبها عندما تستنكر خطيئتي .. "تعبت انتظاراً لوطن غيري " .. هكذا أبرر خطيئتي كل مرة ،
"عايزة أشتري بذور طماطم " لا زالت جملتي أنا تتردد داخلي من وقتها ،
تحولت الطماطم في بلادي من شئ نعامله معاملة صنف من أصناف كثيرة تتضمنها السلطة .. إلي حلم .. كحلم الوطن .. غالٍ .. للغاية ،
ذات مرة سألني حبيبي لماذا أحلم بالسف دوماً .. مع أنه تعرف علي الوطن؟؟ أجبته ..:" الوطن في بلادي يا حبيبي .. للأغنياء " لم يعلق ولم أحاول حتي فهم إجابتي الفانتازية المعقدة ، اليوم عندما أتذكره .. أود أن أهاتفه لأخبره أن الطماطم في بلادي .. صارت للأغنياء !
أعترف أنني تغيرت كثيراً .. صرت حالمة أكثر .. زادت درجة عنادي أكثر وأكثر .. لن أسافر .. ولن أنكس الراية .. وسأجد حلاً لأعيش في تلك البلاد بوطن وقلب عامر بالأمان .. حتي لو اضطررت لزرع بذور الوطن .
0 comments:
Post a Comment